2016-12-25

الأمازيغ بين الإستعمار العربي والغزو الإسلامي

"القضية الأمازيغية بين الإستعمار العربي والغزوات الإسلامية" عنوان لمقال رائع  للكاتب الصحفي والحقوقي والمؤرخ الكويتي "عبدالعزيز القناعي" نشر بالصحف الكويتية الصادرة يوم امس ... المقال كاملا ..: "‏ من هم الامازيغ وماهي قضيتهم ولماذا ارتفع صوتهم في السنوات القليلة الماضية للمطالبة بحقوقهم والاعتراف بهم؟..
اسئلة علينا الإجابة عليها حتى نفهم تاريخنا العربي الاسلامي، وحتى نفهم كيف استطاع العرب والمسلمون من احتلال وتغييب شعوب عديدة مع حضاراتهم وثقافاتهم او بأحسن الأحوال نسبة هذه الحضارات والثقافات الي الاسلام والعرب باعتبارهم الفاتحين لتلك الدول ومخرجي أهلها من الضلال الي نور الايمان. عاش الأمازيغ في شمال أفريقيا وهو موطنهم الام وتقريبا في المنطقة الجغرافية الممتدة من غرب مصر القديمة إلى جزر الكناري ومن حدود جنوب البحر الأبيض المتوسط إلى أعماق الصحراء الكبرى في النيجر ومالي. ولم يعرف أي شعب سكن شمال أفريقيا قبل الأمازيغ. ومع الغزو الاسلامي في أفريقيا ودخول العرب استعربت اقلية نخبوية من الأمازيغ بتبنيها اللغة العربية أو بالأحرى اللهجة العربية المغاربية، أما أمازيغ جزر الكناري فقد تبنوا اللغة الأسبانية غير أن الكثير منهم يعتبرون أنفسهم أمازيغا. وجاء في الموسوعة العربية ان الأمازيغ كلمة تعني الإنسان الحر أو الكريم النسب، وهو الاسم الذي كان وما يزال قسم من السكان الأصليين في شمالي إفريقية يطلقونه على الواحد منهم. أما تسميتهم بالبربر فمن المرجح أن الشعوب الأخرى هي التي أطلقتها عليهم لرطانتهم، ويقال ان الإغريق أطلق كلمة بربر على كل من لا يتكلم الإغريقية “برباروس”، الاسم استعاره الرومان وأطلقوه على كل الأجانب من القبائل الأوروبية والأفريقية. ويقدر عددهم اليوم بحوالي 80 مليون، واعلى نسبة منهم تتواجد اليوم في المغرب ويشكلون حوال 80% من مجموع السكان (1980). اما في الجزائز فيشكلون نسبة 75% من مجموع السكان (1980), وحوالي 85% 1995. وفي موريتانيا يشكلون 20% والنيجر 50% ومالي 60% وليبيا 60%.. وحزر الكتاري اكثر من 60%  اما في تونس فيوجد  عدد غير  محدود من القبائل الامازيغية التي تتكلم اللغة الامازيغية  وتعيش في الريف التونسي الشمالي .. وعدد كبير ايضا بسيوة هذا يوضح ان الامازيغ يشكلون اغلبية سكان شمال افريقيا عكس مايروج له على انهم اقلية  ... بدأت ازمة الامازيغ مع الغزو الاسلامي لمصر عام 641م ثم وصول المسلمون الى برقة عام 669م ثم الى طرابلس وفزان. غير ان مرحلة الغزو المنظمة بدأت على يد عقبة بن نافع الذي وصل الى سواحل المحيط الاطلسي غربا، ثم تبعه حسان بن النعمان ثم موسى بن نصير، والاخيران هما اللذان استكملا غزو المغرب والاندلس. وكان موسى بن نصير قد نشر الاسلام واللغة العربية جنبا الى جنب مع الغزو الاسلامي لافريقيا. ومنذ ذلك الحين اختلط الأمازيغ بالمسلمين واعتبروا الدخول في الاسلام تحريرا لهم من ربقة الرومان. وقد استمرت تسميتهم بالبربر والطوارق الي ان جاء الاستعمار الفرنسي وتشكلت بعدها الدول العربية بمسماها الحديث ولكن ظلت أزمتهم قائمة تحت الرماد ولم تنفع محاولات احتوائهم او اعتبارهم اقلية قومية وخصوصا بعد العديد من التصرفات العنصرية ضدهم وتهميشهم وإلغاء لغتهم وهويتهم من غالبية الثقافات والدساتير العربية والاسلامية على طول المغرب العربي. إذن ولِدت القضية الأمازيغية كردّة فعل على الخطاب الرسمي المتبنَّى من طرف دول الاستقلال في البلدان المغاربية، وانطلاقا من ذلك، قام الأمازيغيون بانتهاج سياسة قضت بإبراز هويتهم القومية وخصوصياتهم الأدبية واللغوية عبر تنظيم عدد من التظاهرات والأنشطة المختلفة وكان الهدف منها خلق وعي حقيقي بأزمة الهوية الأمازيغية، واتسمت تلك الأنشطة بمسارات مختلفة غير نظامية غالبا مما ساهم في تأخير وتراجع موقفهم السياسي، وقدرة بعض الانظمة المغاربية على اختراق تجمعاتهم وتعطيل توحدههم وحرمانهم من حرية التعبيرعن وجودهم وكيانهم مما جعل بعضهم ينتقل إلى المهجر، حيث تشكل فرنسا بحكم التاريخ مركز ثقل هذه المسألة لقد شكلت أزمة الهوية والامة الواحدة في تاريخنا العربي الاسلامي لب الاحتلال وهدف الدين في التوسع والامتداد. مما يفرض علينا مواجهتها عن طريق وضع حلول فعالة وناجعة، وليس مجرد إعطاء مسكنات قد تخمدها في حينها، وعليه لابد من الدول المغاربية اليوم أن تجد حلولا عقلانية لمثل هذه الأزمات، تكون من الجذور، وليس مجرد رفع شعارات سياسية او وطنية، وسد الطريق أمام ثقافة العنف والتسلط وخصوصا بعد فشل القومية العربية التى كانت السبب الاكبر في تهميشهم وطباعة اسم المغرب العربي على الدول المغاربية الحالية بدلا من البرابرة والامازيغ، وهذا لن يكون الا من خلال تفعيل آليات المشاركة السياسية، وتحقيق الهوية، وإعطائها قيمة سياسية واجتماعية في الدساتير العربية والاعتراف بلغتهم وتدريس تاريخهم وثقافتهم وحضارتهم. ان أزمة الأمازيغ اليوم، يجب ان لا تجعلنا نتوقف عندها فقط، بل علينا فتح الملفات العالقة والمسكوت عنها والمقموعة عربيا واسلاميا بعد عقود طويلة من الاستبداد السياسي الشمولي لصالح الانظمة العربية والذي اتخذ من العربية واللغة العربية هوية قمعت التعدديات المختلفة في الوطن العربي وصبغت بالتالي مجتمعاتنا بهوية اقصائية أحادية غاب عنها التعايش والتلاقح الحضاري وحضر الوجه العربي البدوي كتعبير عن الأمة. فالشمال الأفريقي شأنه شأن كل ملتقى حضارات ومعبر لغات وثقافات شهد مظاهر التعدد العرقي واللغوي لشعوب البربر أو الأمازيغ مقابل الأكراد في العراق وسوريا أو الأفارقة والنوبة في السودان ومصر. فالتعدديات العرقية واللغوية تتحول إلى عامل إثراء متميز يفيد المجتمع ويعطي حضارته ألق التنوع والتعدد، أما في البيئات الأحادية والمؤدلجة دينيا فيصبح هذا التعدد عامل فرقة وسبب صراع لا ينقطع كما هو حاصل اليوم في الشرق الأوسط بعد امتداده عربيا واسلاميا بعد عصور الغزوات الاسلامية. إن أخطر الكوارث على الإنسان هي الجمود الفكري والركون إلى رؤية أو تصور فكري عبر وضع الثقة فيه والاعتقاد الراسخ في صدقه الكامل والمطلق والصلاحية لكل زمان ومكان. في الوقت الذي يجب أن تكون المشروعية والأولوية للواقع والتاريخ وتكون السلطة للعقل النقدي الحداثي، أي العقل الذي يبحث في الإنسان والعلل الكامنة وراء الظواهر الاجتماعية والسياسية والثقافية .. وهكذا يجب علينا ان ندرس اليوم تاريخنا من جديد، أن نفهم الدين الاسلامي وتأثيره على الشعوب التى كانت تسكن منطقتنا وتحولاته الجذرية في التنميط والقولبة، وأن نحاول الخروج عن منطق الثوابت واليقينيات الي آفاق الحرية الانسانية والتعايش مع مختلف الهويات والثقافات، لنصنع انسان اليوم ومجتمع اليوم ومستقبل الغد."
بارطاجي لتعم الفائدة .... تنميرت ...

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق