هو الرايس أحمد بن ابراهيم بن علي بن محمد امنتاك، تعرف اسرته بأيت رايس. وله أربعة اخوة وكان اصغرهم سنا. ولد سنة 1927 م بدوار بيطلجان قبيلة(ء يركيتن ) تامسولت بعمالة تارودانت. ولم تمض إلا ستة أشهر على ولادته حتى انتقلت أسرته إلى دوار آخر مجاور لهم يسمى بـ تيغرغار، وهناك تلقى تربيته الأولى. وعندما بلغ سن السابعة من عمره ذهب به والده إلى الكتاب حيث تعلم مبادئ القراءة والكتاب وفرائض الدين الإسلامي على يد الفقيه سيدي ابراهيم بوكلزيم التاماروتي ومنذ هذا السن المبكر وأحمد مولع
بالغناء والشعر، خاصة عندما رأى ولأول مرة مجموع من الروايس الذين زاروا بلدته، فأعجب بهم، وتمنى لو رافقهم. ولزم الكتاب سبع سنوات وعندما بلغ سن الرابعة عشر غادره فالتحق بالغابة ليرعى الأغنام هذا وكان يشارك في المساجلات الشعرية بأحواش خاصة في أيام الشاعر عديء وبيضار. وفي هذه الفترة زارت فرقة غنائية أخرى بلدته، فازداد شوقه للغناء والاحتراف، ونذكر من أولئك الروايس المكونين لتلك الفرقة: النميلي والرايس أحمد البيطلجاني والرايس عبد السلام (المنجة). كان هؤلاء ـ في أغلب شعرهم ـ يرددون أغاني الشاعر المشهور الحاج بلعيد وتلميذه محمد بودرع من هنا اشتد تعلقه بالشعر الأمازيغي القديم، فحفظ منه الشيء الكثير، وخاصة شعر الحاج بلعيد. وهكذا لمس في نفسه القدرة على ولوج ميدان الاحتراف، فاشترى آلة رباب الرايس علي البيطلجاني عند والده. فتوجه الى أكادير حيث التقى بشعراء «شتوكة» على الخصوص منهم الرايس سعيد اشتوك والرايس الحسين جانطي والرايس مولاي موح (الكمنجة) وشعراء آخرين. فبدأ نجمه يتألق في سماء الشعر والغناء، وسجل أغانيه فذاع صيته وعمت شهرته مختلف أرجاء الوطن، بل امتدت الى الخارج، وبمساعدة السيد ءوبو لحسن تمكن من زيارة بعض الأقطار الأوروبية، وخاصة البلدان التي تقيم بها الجالية المغربية بصفة عامة ، والسوسية بصفة خاصة ، وذلك بمعية فرقته الموسيقية والتي كان فيها الرايس سعيد اشتوك. وكان ذلك سنة 1965فزار فرنسا وبلجيكا ثم هولاندا، وتلتها بعد ذلك زيارات اخرى متتالية زار فيها نفس البلدان، وكان ذلك في السنوات التالية: 1966 و 1975 و 1976 و 1977. وكانت سنة 1977 م آخر ما تخطى فيه الرايس أحمد ءامنتاك حدود أرض الوطن الى الخارج، وقد خصته الجالية السوسية باستقبال رائع، فأقام هناك سهرات كثيرة حضرتها حشود عارمة من الأبناء السوسيين الذين اشتاقوا الى سما الأغاني الأمازيغية التي تذكرهم بذويهم، وهذا ما لمسه منهم شاعرنا فذكرهم بأن زيارته لهم تدخل من باب صلة الرحم، وان تواجده بالقرب منهم يعتبر عيدا عمت فيه الفرحة كل الوجوه حيث قال: بيسمي نكشمد ءالما كان ضيف لاهي نتابعا ءيدامن د تاكمات ءايزور لقلبي ....
وكان الراحل واحدا من الذين أسسوا مدرسة فن الروايس ، وسطع اسمه منذ خمسينيات القرن الماضي ، وجاب عدة دول أوربية، بحيث احيى فيها حفلات بكل من فرنسا والمانيا وبلجيكا ، واغنى ريبرطوار الاغنية الامازيغية بتحف فنية ستبقى عالقة في أذهان محبي هذا اللون الغنائي، من طينة قصيدة “بوسالم ” و” بو الشهوة ” و ” إميك ايكا الزين” وغيرها، واعتبره النقاد أول فنان يسجل اسطوانة بتقنية “الديسكوفون”، التي ظهرت في أواخر الستينيات بالديار الفرنسية، والتي كانت توضع رهن إشارة زبناء الفنادق الفخمة بباريس والمدن الفرنسية الاخرى للاستماع إليها . وتنقل الراحل واحيي المئات من السهرات في ربوع المغرب ، وكان ضيفا خفيفا على المهرجانات والمسارح ، وبصم مسيرته بتواضعه وخلقه العالي وخفة روحه وميله للدعابة والفكاهة، وتعلق أمنتاك بفن الروايس منذ أن غادر المدرسة العتيقة بدواره لمنيزلة قبيلة منتاكة باقليم تارودانت، وهو في سن السابعة عشرة، ورافق الفرق الموسيقية كعازف على آلة الرباب قبل ان يدخل تجربة انشاء فرقته الخاصة، التي عاصرت كبار رواد هذا الفن كالرايس محمد الدمسيري والحاج بلعيد وعمر أهروش. وفي أواخر حياته التزم منزله بالدشيرة الجهادية، واعتنت به عدة جمعيات بحيث أشرفت على نقله عدة مرات الى مصحات اكادير لتتبع حالته الصحية ، كان آخرها نقله الى مصحة الدكتور محمد بيزران، وهو بالمناسبة ابن رفيق دربه الراحل الرايس سعيد اشتوك حيث بقي فيها لازيد من اسبوع ، وخرج منها قيل يومين ليسلم الروح لخالقها صبيحة اليوم ووري جثمانه الثرى ظهر اليوم بمقبرة إرحالن بالدشيرة الجهادية .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق