تونس : نوهة كرين.
بعد ثورة 2011، لم يتخلف الامازيغ في تونس عن احتفالات برأس السنة الامازيغية التي يحتفل بها أغلب التونسيين عن وعي وعن غير وعي باعتبارها بداية السنة الفلاحية أو رأس السنة العجمية كما هو مرسم في اليوميات الرسمية. هذه السنة اختار نادي الثقافة الأمازيغية وجمعية تاماكيت للحقوق والحريات والثقافة الأمازيغية الاحتفال على امتداد يوم كامل في قلب العاصمة تونس ببرنامج متنوع
وثري تراوح بين ماهو أكاديمي وفني وتنشيطي بهدف الاحتفال بالعام الجديد 2968 والدعوة إلى إحياء هذا الموروث الحضاري مطالبين بالاعتراف به كعيد وطني على إثر المراسلات التي وجهت إلى السلط التنفيذية والهيئات الدستورية ، تم تقديم مداخلة حول التقويم الأمازيغي وتاريخ اعتماده ومدى ارتباطه بالسنة الفلاحية من طرف الناشط الأمازيغي وأستاذ التاريخ محمد خلف الله كما قدم ضيف الشرف الأستاذ التونسي طارق العمراوي وهو باحث مختص في الحضارات الشرقية والنوميدية مداخلة بعنوان الخصائص الحضارية والمعمارية لموقع شمتو الأثري وهو موقع نوميدي مغلق منذ سنوات اختار الطرف المنظم أن يسلط الضوء على أهمية هذا الموقع والدعوة للاهتمام به كما قدم الكاتب طارق العمراوي مسرحية شمتو التي تتحدث على شمتو من خلال الفترتين النوميدية والرومانية وتقدم الحياة المدنية والكهنوتية في الفترة النوميدية والاستغلال والقهر الروماني للسكان الأصليين وقد تفاعل الحضور مع ما قدم من خلال نقاش تراوح بين المساءلة والمطالبة بتثمين الآثار النوميدية في تونس . فبعد تناول الكسكسي سبعة خضار وهو الأكلة التي اختارها التونسيون في احتفالهم بالعام الجديد ومدى رمزيتها عند الأمازيغ باعتبارها تعبر عن تضامن الأهالي خلال سنة زراعية تجسد مفهوم “التويزة” لدى الامازيغ تم عرض الفيلم التونسي “حديث القرى الأمازيغية” لصاحبه المخرج السينمائي عبد الحق الطرشوني الذي كان ضيف شرف خلال هذا اليوم وهو شريط وثائقي يتناول الموروث الثقافي والحضاري لعشرات القرى الأمازيغية من الشمال إلى الجنوب وهو عبارة عن رحلة في الزمان والمكان بين جمال الطبيعة وتأمل للذات في مرات الكون والحياة . لم يغب الشعر الأمازيغي عن احتفالات هذا العام فقد قدم الشاعر الأمازيغي التونسي حسين بلغيث قصائد باللغة الأمازيغية ثم مترجمة إلى الدارجة التونسية تغنى فيها بالمرأة الأمازيغية وبحبه لأرض أجداده و لقريته تمزرط القرية الامازيغية الصامدة ، كما كان الابداع الشبابي حاضرا من خلال قصائد الشاعر الشاب الازهر المطوي عضو نادي الثقافة الأمازيغية و أصيل قرية أزرو عبر خلالها عن اعتزازه بهويته الأمازيغية والقيم الانسانية التي تميز الامازيغ ، لم تقتصر فقرة الإبداع الشعري عن الشعر الأمازيغي فقط بل كانت الشاعرة الأمازيغية سليمة السرايري حاضرة في هذه الفقرة بكتاباتها الشعرية باللغة العربية وهي شاعرة تكتب للحب والسلام والطبيعة وعن المرأة الحرة تنوعت هذه الفقرة الشعرية وأفرزت إبداعات الشعراء الأمازيغ في تونس وانفتاحهم عن الآخر مم جعل الحضور يتفاعل أكثر ليستمتع بالموسيقى والعزف الأمازيغي مع الشابة الناشطة نورة الغرياني رئيسة نادي الثقافة الأمازيغية بصفاقس وقد قدمت خلال وصلاتها وصلة من انتاجها عزفا وتلحين وكلمات كمحاولة أولى ، وعلى هذه الأنغام انطلقت الورشات في الرسم والكتابة الامازيغية والحلي والمنسج الأمازيغي إضافة إلى الوشم والصخاب مع المعارض المتنوعة للحلي والكتب التاريخية والحضارية والأدبية . كما دأب نادي الثقافة الأمازيغية وجمعية تماكيت للحقوق والحريات والثقافة الأمازيغية على تكريم وتشجيع شخصيات قدمت للثقافة الأمازيغية فقد تم تكريم كل من الباحث طارق العمراوي والمخرج عبد الحق الطرشوني والشاعرة سليمة السرايري والعازفة نورة الغرياني والحرفية المبدعة فاطمة السرايري. أما في جنوب تونس فقد احتفل أهالي منطقة تمزرط القرية الناطقة باللغة الأمازيغية على طريقتهم وبحضور مسؤولين جهويين في مجال الثقافة والسياحة في محاضرة بعنوان “الامازيغية اعتزاز وتنمية” طالب فيها الاهالي بالمحافظة على الأثار وتثمين الموروث الثقافي والحضاري الأمازيغي بالجهة خاصة وبتونس عامة واستغلال هذا المخزون في الترويج إلى السياحة لثقافية . إضافة إلى ورشات تنشيطية للأطفال تهدف إلى تعزيز قيم المواطنة وتجذير الهوية الأمازيغية لدى الناشئة التونسية وقد أشرفت على هذه الورشات كل من الرسامتين سوسن قريعة وفاطمة كريط. وقد اختار الاهالي الاحتفال كعادتهم بتجميع اكلات امازيغية متنوعة ليجتمعوا في الساحة الكبرى للمنطقة أين تم تقديم وعرض الأكلة المميزة للجهة “تيكربيزن” في طبق كبير وقامت مأدبة تذوق وفطور للأطباق الأمازيغية وعلى أنغام الطبال والموسيقى الأمازيغية استمتع الحاضرون بهذه الاجواء الاحتفالية.
عن :Azul Press
0 --التعليقات-- :
إرسال تعليق