بقلم المناضل الامازيغي : الاستاذ عبدالله الحلوي :"سنة 1988 قتل الدكتاتور العراقي صدام حسين عشرات الآلاف من الأكراد الذين اعترضوا على حكمه دون أن تصدر الجامعتين العربية والإسلامية أي بيان من البيانات التنديدية التي اعتادتا على إصدارها، رغم أن الغالبية العظمى من الأكراد مسلمون سنّيون وأرضهم هي بحكم الواقع السياسي
المفروض جزء من الخارطة الوهمية التي تسمى ب"العالم العربي". نفس التنكّر عاشه السودانيون الدارفورين المسلمون السنيون في غرب السودان عندما أقدمت ميليشيات الجنجويد، المدعومة من الحكومة السودانية في الخرطوم، على قتل ما لا يقل على 48000 دارفوري وتشريد أكثر من مليوني مواطن منهم، مسجلة بذلك أول حالة تطهير عرقي في القرن الواحد العشرين. واليوم، بعد أن تجرّأ الأكراد على استفتاء أنفسهم حول الإستقلال عن الحكومة العراقية الفاشلة، أعلنت المنظمة الغريبة الأطوار التي تسمى ب"الجامعة العربية" عن رفض هذا الإستفتاء جملة وتفصيلا، وهدد أردوڭان تركيا بشن حملة عسكرية على شمال منطقة كردستان وقطع صادرات النفط التي تمر من الشمال، وحشدت إيران قواتها العسكرية على الحدود مع كردستان، وشككت الولايات المتحدة الأمريكية في مشروعية الإستفتاء بدعوى أن استقلال الأكراد قد تنتج عنه حالة عدم استقرار. هذا على العلم أن كل هذه البلدان تؤمن بما يسمونه "حق الشعوب في تقرير مصيرها" ويعتبرونه مبدء حقوقيا لا يُناقش إلا أن الأكراد الذين عانووا من تسلط الحكم الدكتاتوري في عهد صدام حسين، ومن الإستغلال الظالم لحكومة العراقية لمواردهم النفطية، ومن الإقصاء المنهجي للغتهم وثقافتهم وحضارتهم، قرروا اليوم وبشجاعة نادرة عدم تفويت فرصة انتصارهم الساحق على منظمة داعش واسترجاعهم للأراضي التي كانت هذه المنظمة تسيطر عليها، فنظموا استفتاء شعبيا ليقرروا به مصيرهم إما بالبقاء جزءا من العراق أو بالإستقلال عن هذا البلد، رغم المقاومة الشديدة التي أبدتها دول الجوار، ورغم التهديدات المتواصلة منهم.الإستفتاء على الإستقلال والتعبير من خلاله عن الرغبة في الإستقلال لا يعني قيام دولة كردستان، لكن الإصرار الأسطوري لهذا الشعب على انتزاع حريته من أنياب الأسد، وتنظيم استفتاء بأكثر من 2000 نقطة تصويت، ومشاركة أغلبية شعبية تتضمن جميع الفئات العمرية والإجتماعية دليل قاطع على أن استقلال كردستان لم يعد الآن إلا مسألة وقت ..استقلال كردستان يعني سقوط الأيديولوجية الكليانية البعثية التي رفضت ولا تزال ترفض التنوع الثقافي والإثني بمنطقة الشرق الأوسط، ويعني أن الدكتاتوريات عاجزة عن كسر شوكة الثّيموس الهوياتي، وأن إصرار الشعوب على حفظ هويتها الثقافية واللغوية طوفان لا تستطيع الخرائط الوهمية أن تخفيه ولا تقدر الدبابات أن تسحقه. هنيئا لإخواننا الكرد باستفتائهم .. وها نحن نحن ننتظر أن يسمعوا للعالم بأسره ما قرره الشعب الكردي من خلال هذا الإستفتاء بعد حوال 72 ساعة من الآن. إنهم بكل بساطة شعب اختار كرامته!"
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق