قبل الخوض في تفاصيل قضية القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ، دعونا نعرج معا على الجانب الكرونولوجيا في الموضوع، نظرا للارتباط الوثيق بين البعد الزمني والمواقف والإجراءات ذات الصلة.
كرونولوجيا. :
1 يوليوز2011 : الإقرار الدستوري برسمية اللغة الأمازيغية ؛ يناير 2012 : إقرار البرنامج الحكومي العمل من اجل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية؛
22 نوفمبر : تحديد الجهات والهيئات الوطنية المشرفة على إعداد مشروع القانون التنظيمي بموجب مخطط تشريعي يحدد الفترة مابين 2013 و2015 كسقف زمني لإصدار هذا القانون ؛ 11 أكتوبر 2014 : رئيس الحكومة في لقاء تنسيقي بالغرفتين يؤكد أن الأمازيغية أكبر من حكومته وأن الملف بيد جهات عليا ؛ 14 يناير 2014 : رئيس الحكومة يدعو عبر بريد الكتروني إلى تلقي مقترحات تهم القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ؛
27 يونيو 2016: الأمانة العامة للحكومة تعرض المشروع على السيدات والسادة الوزراء للمناقشة غشت 2016 : تدارس المجلس الحكومي للمشروع ، والذي تقدم به وزير الثقافة ، وفي اليوم ذاته وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة يعتبر ذلك انجازا تاريخيا ، وأن القانون شامل وكامل ؛
إن استقراء هذه الكرونولجيا من حيث المواقف والأزمنة وكذا محتوى القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والذي يحمل رقم 26.16 يوصلنا إلى ملامسة سيل العبث الحكومي في التعامل مع موضوع جدي ، كاد المغرب أن يحقق فيه التميز المغاربي ، لكن الاستهتار الحكومي عاد بنا إلى الوراء من دون مراعاة للتحولات للديمقراطية التي عرفها المغرب خاصة فيما يتعلق بتدبير التعددية الثقافية واللغوية ، لكي لا تظل الجمل معلقة على فراغ نعرض جملة من الإفرازات السلبية للتعامل غير الإيجابي من طرف الحكومة مع موضوع الأمازيغية ؛
الإفراز الأول: غياب الرؤية
وفق المخطط التشريعي ل 2012 ، والذي وقعت التزاماته الحكومة ، فان عملية الإشراف على صياغة مشروع القانون التنظيمي ، بيد كل من وزارات الثقافة ، التربية الوطنية ، التعليم ، البحث العلمي ، والاتصال بالإضافة إلى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على مدى أجل أقصاه 2015 ، إلا أن 2015 انتهت أيامها من دون ظهور القانون التنظيمي للأمازيغية ، رئيس الحكومة أدخلنا في متاهات جديدة غير واضحة من كون القانون التنظيمي أكبر من الحكومة ، وأن هذا الموضوع يسبب له الحرج ، وأنه بيد جهات عليا متناسيا أنه سبق وأن حدد له إطاره المرجعي ، والهيئات المشرفة عليه والوزارة التي ستعرضه على المجلس الحكومي في الصفحة 28 من المخطط التشريعي .
على الرغم من الهالة التي أعطاها رئيس الحكومة للأمازيغية من كونها أكبر من الحكومة ، فإنه سرعان ما أصبحت مشكلا بسيطا يمكن حله ببريد الكتروني ،وفي فترة زمنية قياسية لا تتجاوز شهر ، إذ أعلن عبر موقع وزارته رغبته في تلقي مقترحات مشاريع تهم القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في الفترة الممتدة ما بين 15 يناير و 15 فبراير 2016 وهو الأمر الذي يطرح عبارة "سبحان الذي أسرى بتدبير ملف القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية من وزارة الثقافة إلى رئيس الحكومة ".
في 3 غشت 2016 وزير الثقافة يعرض المشروع على المجلس الحكومي ، علما أن المقترحات تلقاها رئيس الحكومة ،وأن وزارة الثقافة والوزارات الأخرى وكذا المعهد الملكي وفق المخطط التشريعي هم ملزمون بفتح نقاشات موسعة مع المؤسسات المعنية وكذا المجتمع المدني قبل عرضه على الأمانة العامة للحكومة وعلى المجلس الحكومي .
من جهل شيئا عداه، وعداء حكومة بنكيران للأمازيغية ، وجهلها لم يمكنها من صياغة رؤية واضحة حول طريقة تدبير هذا الموضوع لأنها كانت دائما كسولة جدا في فهم العمق التاريخي والبعد المستقبلي لأعمق مكون للشخصية المغربية ، لذا ظلت تراوحها من مكان لآخر في تأجيل دائم .
الإفراز الثاني: غياب الانسجام التشريعي
إن الاعتبارات التي أدت إلى الإقرار الدستوري بالأمازيغية كلغة رسمية إلى جوار العربية، ذات عمق تاريخي وإنساني كبيرين ، فهي رصيد مشترك لكل المغاربة بدون استثناء ، كما أن هذا الاعتراف مكمل لإقرار دستوري آخر ذي أهمية كبرى هو الاعتراف بالتعددية الثقافية واللغوية للمجتمع المغربي بكل مكوناته المتنوعة ، إلا أنه على الرغم من هذا الرقي الدستوري والذي تفاعل معه ايجابيا 99 % من المغاربة ، فإن الحكومة أخرجت من رحمه قانونا تنظيميا يرفضه الجميع بما فيها أعضاء في الحكومة . لأنه طعن في مكتسبات حققها المغاربة منذ 1994 ، فعبارة " التعبيرات اللسانية الأمازيغية " التي جاء بها القانون التنظيمي والتي تفيد مفهوم اللهجات تم تجاوزها فترة ما بعد 20 غشت 1994 حين ظهر ما عرف آنذاك بنشرة اللهجات ، والذي تم تجاوزه في مرحلة لاحقة بفضل نضالات الحركة الأمازيغية باسم " نشرة الأمازيغية " والحال نفسه "للوظيفة التواصلية للأمازيغية "التي جاءت به المادة الثانية من المشروع ، كون الأمازيغية نسق فكري متكامل لها امتداد حضاري عريق ، وفكر إنساني وقيم عالمية ، مما يستحيل معه ربطها بالوظيفة التواصلية فقط .
إن دستور 2011 انجاز مغربي في الحقل الديمقراطي وحقوق الإنسان ، لذا فان تفعيله يجب أن يكون في هذا المستوى ، وهو الأمر الذي لم نلمسه في مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية الذي كان عليه أن يرتقي بالنص الدستوري ، بالتعددية بالثقافية ، بالخيارات الديمقراطية ...وليس الضحك على المغاربة واعتباره شاملا وكاملا كما صرح الناطق الرسمي للحكومة على هامش لقاء المجلس الحكومي في 3غشت 2016.
إن القانون التنظيمي المتعلق بالطابع الرسمي للامازيغية ، كمرجع أساسي لتدبير الأمازيغية في مغرب المستقبل لم يرق حتى إلى مستوى الاتفاقيات والشراكات والتي وقعت لفائدة الأمازيغية في فترة مابعد 2001 ، ولا إلى مستوى بعض الأنظمة الداخلية لبعض المؤسسات ، لنبقى في هذا المقام ونعطي مثالا من مجلس المستشارين الذي بدأ في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية طبقا للمادة 35 من نظامه الداخلي ، بإجراءات عملية وملموسة تظهر في الرؤية البصرية للمجلس ، في تدخلات السادة المستشارين ،في الأنشطة المختلفة للمجلس ، في وثائقه وأدبياته ، وهي أمور كلها أجلها القانون التنظيمي وشتتها على أعوام الزمن الطويلة ما بين 5 و15 سنة. وإن كان الخبر اليقين أن ما سيتم القيام به لصالح الأمازيغية في 2031 هو نفسه الذي قام به السيد حكيم بنشماش في 2016.
إن القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والذي يحمل رقم 26.16 ، خلق نشازا في هرمية التشريعات الوطنية ، كونه جاء دون مستوى الدستور ، القوانين العادية ، الأنظمة الداخلية لمجلس النواب ومجلس المستشارين... مما يطرح معه سؤال مدى صدقية وشرعية هذا القانون التنظيمي ، وتتأكد شرعية السؤال إذا ما استحضرنا الاستياء الذي تركه في أوساط الرأي العام الوطني .
الإفراز الثالث : خلق حالات التذمر
" المشروع دون انتظارات المواطنين " "المشروع تكريس للدونية واللامساواة".. "المشروع وليد تقديرات حزبية مزاجية " " المشروع مشوب بعدة عيوب جوهرية " " الدستور بعيد عن منطق يستحضر متطلبات الدستور والالتزامات الاتفاقية لبلادنا" " قتل الثقافة واللغة الأمازيغيتين " .." الانقلاب على الأمازيغية " " الأمازيغية خط أحمر" ...إلخ
هذه نماذج من العبارات التي استقيتها من مختلف البيانات الصادرة عن الحركة الثقافية الأمازيغية ، ومن ضمنها موقف وحيد لحزب الأصالة والمعاصرة وهي كلها جاءت تحمل نبرة الاستياء ،لان مشروع القانون يعود بنا إلى سلوكات الماضي والتي اعتبرتها الحركة الأمازيغية انتهت ولم يعد لها مكان في مغرب المصالحة مع الماضي والذات.
إن هذا القانون دفع الحركة الثقافية الأمازيغية إلى استحضار سؤال ما العمل؟ : الملتمسات الملكية، الوقفات الاحتجاجية..نظرا للتلاعب الحكومي الكبير بإرادة الحركة الثقافية الأمازيغية والتي ترفض أن تعود بنا الحكومة إلى نقطة الصفر.
الإفراز الرابع: البناء على كذب
تشير الفقرة الثانية من تصدير هذا القانون التنظيمي ، أنه وليد مقاربة تشاركيه أخذت بعين الاعتبار مذكرات ومقترحات الفاعلين والمهتمين ، غير أنه تقوم أربعة أدلة صارخة تؤكد غياب هذه المقاربة التشاركية :
إن اكبر أطياف الحركة الثقافية الأمازيغية ، قررت مقاطعة البريد الالكتروني لرئيس الحكومة ، لعدم توفره على الجدية التي يستحقها موضوع الأمازيغية ، بحيث لم تحدد شخصيات محددة ومعروفة تستلم تلك المذكرات وإنما تركنا رئيس الحكومة وجها لوجه مع العالم الافتراضي.
رئيس الحكومة لم يدخل في مشاورات مع وزراءه في الحكومة ، وقد سبق أن صرح كل من نبيل بنعبدالله ، ومحند العنصر بعدم علمهم بالمشروع مما يؤكد أيضا المقاربة الأحادية في صياغة المشروع .
لا نلمس في المشروع مقترحات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، والتي نشرها الموقع الرسمي للمؤسسة من قبيل إحداث هياكل بالوزارات المعنية تهتم باللغة والثقافة الأمازيغيتين ، كما لا نلمس مقترحات جاءت بها المعارضة في مشروع هذا القانون من ذلك مثلا إنشاء هيئة للمراقبة والتتبع لمدى تطبيق هذا القانون ، والتي اقترحها حزب الأصالة والمعاصرة بموجب مشروع قانون تنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي طرح بمجلس المستشارين . لم تبادر الحكومة إلى نشر المقترحات، والوثائق التي تقول أنها تلقتها من المهتمين والفاعلين ، ولو بمنطق الحق في الوصول إلى المعلومة ،الذي أصبح يتمتع بحماية دستورية . لاعتبار بسيط ومعقول هو أن هذه المقترحات لا توجد أصلا. إن القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ، الذي جاءت به الحكومة غابت عنه الجدية اللازمة على كل المستويات من حيث زمن إصدار القانون والذي قيل عنه "الوقت الميت من تاريخ الحكومة". من حيث الصياغة التشريعية الفضفاضة التي لا يترتب عنها أي التزام، و من حيث الرهانات المستقبلية للمغرب،مما يستوجب البحث عن الآليات الممكنة للتصدي لهذا المشروع ، وإلا سنخلف موعدنا مع التاريخ.
احمد زاهد / عضو المكتب الوطني للبام
كرونولوجيا. :
1 يوليوز2011 : الإقرار الدستوري برسمية اللغة الأمازيغية ؛ يناير 2012 : إقرار البرنامج الحكومي العمل من اجل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية؛
22 نوفمبر : تحديد الجهات والهيئات الوطنية المشرفة على إعداد مشروع القانون التنظيمي بموجب مخطط تشريعي يحدد الفترة مابين 2013 و2015 كسقف زمني لإصدار هذا القانون ؛ 11 أكتوبر 2014 : رئيس الحكومة في لقاء تنسيقي بالغرفتين يؤكد أن الأمازيغية أكبر من حكومته وأن الملف بيد جهات عليا ؛ 14 يناير 2014 : رئيس الحكومة يدعو عبر بريد الكتروني إلى تلقي مقترحات تهم القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ؛
27 يونيو 2016: الأمانة العامة للحكومة تعرض المشروع على السيدات والسادة الوزراء للمناقشة غشت 2016 : تدارس المجلس الحكومي للمشروع ، والذي تقدم به وزير الثقافة ، وفي اليوم ذاته وزير الاتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة يعتبر ذلك انجازا تاريخيا ، وأن القانون شامل وكامل ؛
إن استقراء هذه الكرونولجيا من حيث المواقف والأزمنة وكذا محتوى القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والذي يحمل رقم 26.16 يوصلنا إلى ملامسة سيل العبث الحكومي في التعامل مع موضوع جدي ، كاد المغرب أن يحقق فيه التميز المغاربي ، لكن الاستهتار الحكومي عاد بنا إلى الوراء من دون مراعاة للتحولات للديمقراطية التي عرفها المغرب خاصة فيما يتعلق بتدبير التعددية الثقافية واللغوية ، لكي لا تظل الجمل معلقة على فراغ نعرض جملة من الإفرازات السلبية للتعامل غير الإيجابي من طرف الحكومة مع موضوع الأمازيغية ؛
الإفراز الأول: غياب الرؤية
وفق المخطط التشريعي ل 2012 ، والذي وقعت التزاماته الحكومة ، فان عملية الإشراف على صياغة مشروع القانون التنظيمي ، بيد كل من وزارات الثقافة ، التربية الوطنية ، التعليم ، البحث العلمي ، والاتصال بالإضافة إلى المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية على مدى أجل أقصاه 2015 ، إلا أن 2015 انتهت أيامها من دون ظهور القانون التنظيمي للأمازيغية ، رئيس الحكومة أدخلنا في متاهات جديدة غير واضحة من كون القانون التنظيمي أكبر من الحكومة ، وأن هذا الموضوع يسبب له الحرج ، وأنه بيد جهات عليا متناسيا أنه سبق وأن حدد له إطاره المرجعي ، والهيئات المشرفة عليه والوزارة التي ستعرضه على المجلس الحكومي في الصفحة 28 من المخطط التشريعي .
على الرغم من الهالة التي أعطاها رئيس الحكومة للأمازيغية من كونها أكبر من الحكومة ، فإنه سرعان ما أصبحت مشكلا بسيطا يمكن حله ببريد الكتروني ،وفي فترة زمنية قياسية لا تتجاوز شهر ، إذ أعلن عبر موقع وزارته رغبته في تلقي مقترحات مشاريع تهم القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية في الفترة الممتدة ما بين 15 يناير و 15 فبراير 2016 وهو الأمر الذي يطرح عبارة "سبحان الذي أسرى بتدبير ملف القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية من وزارة الثقافة إلى رئيس الحكومة ".
في 3 غشت 2016 وزير الثقافة يعرض المشروع على المجلس الحكومي ، علما أن المقترحات تلقاها رئيس الحكومة ،وأن وزارة الثقافة والوزارات الأخرى وكذا المعهد الملكي وفق المخطط التشريعي هم ملزمون بفتح نقاشات موسعة مع المؤسسات المعنية وكذا المجتمع المدني قبل عرضه على الأمانة العامة للحكومة وعلى المجلس الحكومي .
من جهل شيئا عداه، وعداء حكومة بنكيران للأمازيغية ، وجهلها لم يمكنها من صياغة رؤية واضحة حول طريقة تدبير هذا الموضوع لأنها كانت دائما كسولة جدا في فهم العمق التاريخي والبعد المستقبلي لأعمق مكون للشخصية المغربية ، لذا ظلت تراوحها من مكان لآخر في تأجيل دائم .
الإفراز الثاني: غياب الانسجام التشريعي
إن الاعتبارات التي أدت إلى الإقرار الدستوري بالأمازيغية كلغة رسمية إلى جوار العربية، ذات عمق تاريخي وإنساني كبيرين ، فهي رصيد مشترك لكل المغاربة بدون استثناء ، كما أن هذا الاعتراف مكمل لإقرار دستوري آخر ذي أهمية كبرى هو الاعتراف بالتعددية الثقافية واللغوية للمجتمع المغربي بكل مكوناته المتنوعة ، إلا أنه على الرغم من هذا الرقي الدستوري والذي تفاعل معه ايجابيا 99 % من المغاربة ، فإن الحكومة أخرجت من رحمه قانونا تنظيميا يرفضه الجميع بما فيها أعضاء في الحكومة . لأنه طعن في مكتسبات حققها المغاربة منذ 1994 ، فعبارة " التعبيرات اللسانية الأمازيغية " التي جاء بها القانون التنظيمي والتي تفيد مفهوم اللهجات تم تجاوزها فترة ما بعد 20 غشت 1994 حين ظهر ما عرف آنذاك بنشرة اللهجات ، والذي تم تجاوزه في مرحلة لاحقة بفضل نضالات الحركة الأمازيغية باسم " نشرة الأمازيغية " والحال نفسه "للوظيفة التواصلية للأمازيغية "التي جاءت به المادة الثانية من المشروع ، كون الأمازيغية نسق فكري متكامل لها امتداد حضاري عريق ، وفكر إنساني وقيم عالمية ، مما يستحيل معه ربطها بالوظيفة التواصلية فقط .
إن دستور 2011 انجاز مغربي في الحقل الديمقراطي وحقوق الإنسان ، لذا فان تفعيله يجب أن يكون في هذا المستوى ، وهو الأمر الذي لم نلمسه في مشروع القانون التنظيمي للأمازيغية الذي كان عليه أن يرتقي بالنص الدستوري ، بالتعددية بالثقافية ، بالخيارات الديمقراطية ...وليس الضحك على المغاربة واعتباره شاملا وكاملا كما صرح الناطق الرسمي للحكومة على هامش لقاء المجلس الحكومي في 3غشت 2016.
إن القانون التنظيمي المتعلق بالطابع الرسمي للامازيغية ، كمرجع أساسي لتدبير الأمازيغية في مغرب المستقبل لم يرق حتى إلى مستوى الاتفاقيات والشراكات والتي وقعت لفائدة الأمازيغية في فترة مابعد 2001 ، ولا إلى مستوى بعض الأنظمة الداخلية لبعض المؤسسات ، لنبقى في هذا المقام ونعطي مثالا من مجلس المستشارين الذي بدأ في تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية طبقا للمادة 35 من نظامه الداخلي ، بإجراءات عملية وملموسة تظهر في الرؤية البصرية للمجلس ، في تدخلات السادة المستشارين ،في الأنشطة المختلفة للمجلس ، في وثائقه وأدبياته ، وهي أمور كلها أجلها القانون التنظيمي وشتتها على أعوام الزمن الطويلة ما بين 5 و15 سنة. وإن كان الخبر اليقين أن ما سيتم القيام به لصالح الأمازيغية في 2031 هو نفسه الذي قام به السيد حكيم بنشماش في 2016.
إن القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية والذي يحمل رقم 26.16 ، خلق نشازا في هرمية التشريعات الوطنية ، كونه جاء دون مستوى الدستور ، القوانين العادية ، الأنظمة الداخلية لمجلس النواب ومجلس المستشارين... مما يطرح معه سؤال مدى صدقية وشرعية هذا القانون التنظيمي ، وتتأكد شرعية السؤال إذا ما استحضرنا الاستياء الذي تركه في أوساط الرأي العام الوطني .
الإفراز الثالث : خلق حالات التذمر
" المشروع دون انتظارات المواطنين " "المشروع تكريس للدونية واللامساواة".. "المشروع وليد تقديرات حزبية مزاجية " " المشروع مشوب بعدة عيوب جوهرية " " الدستور بعيد عن منطق يستحضر متطلبات الدستور والالتزامات الاتفاقية لبلادنا" " قتل الثقافة واللغة الأمازيغيتين " .." الانقلاب على الأمازيغية " " الأمازيغية خط أحمر" ...إلخ
هذه نماذج من العبارات التي استقيتها من مختلف البيانات الصادرة عن الحركة الثقافية الأمازيغية ، ومن ضمنها موقف وحيد لحزب الأصالة والمعاصرة وهي كلها جاءت تحمل نبرة الاستياء ،لان مشروع القانون يعود بنا إلى سلوكات الماضي والتي اعتبرتها الحركة الأمازيغية انتهت ولم يعد لها مكان في مغرب المصالحة مع الماضي والذات.
إن هذا القانون دفع الحركة الثقافية الأمازيغية إلى استحضار سؤال ما العمل؟ : الملتمسات الملكية، الوقفات الاحتجاجية..نظرا للتلاعب الحكومي الكبير بإرادة الحركة الثقافية الأمازيغية والتي ترفض أن تعود بنا الحكومة إلى نقطة الصفر.
الإفراز الرابع: البناء على كذب
تشير الفقرة الثانية من تصدير هذا القانون التنظيمي ، أنه وليد مقاربة تشاركيه أخذت بعين الاعتبار مذكرات ومقترحات الفاعلين والمهتمين ، غير أنه تقوم أربعة أدلة صارخة تؤكد غياب هذه المقاربة التشاركية :
إن اكبر أطياف الحركة الثقافية الأمازيغية ، قررت مقاطعة البريد الالكتروني لرئيس الحكومة ، لعدم توفره على الجدية التي يستحقها موضوع الأمازيغية ، بحيث لم تحدد شخصيات محددة ومعروفة تستلم تلك المذكرات وإنما تركنا رئيس الحكومة وجها لوجه مع العالم الافتراضي.
رئيس الحكومة لم يدخل في مشاورات مع وزراءه في الحكومة ، وقد سبق أن صرح كل من نبيل بنعبدالله ، ومحند العنصر بعدم علمهم بالمشروع مما يؤكد أيضا المقاربة الأحادية في صياغة المشروع .
لا نلمس في المشروع مقترحات المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية ، والتي نشرها الموقع الرسمي للمؤسسة من قبيل إحداث هياكل بالوزارات المعنية تهتم باللغة والثقافة الأمازيغيتين ، كما لا نلمس مقترحات جاءت بها المعارضة في مشروع هذا القانون من ذلك مثلا إنشاء هيئة للمراقبة والتتبع لمدى تطبيق هذا القانون ، والتي اقترحها حزب الأصالة والمعاصرة بموجب مشروع قانون تنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي طرح بمجلس المستشارين . لم تبادر الحكومة إلى نشر المقترحات، والوثائق التي تقول أنها تلقتها من المهتمين والفاعلين ، ولو بمنطق الحق في الوصول إلى المعلومة ،الذي أصبح يتمتع بحماية دستورية . لاعتبار بسيط ومعقول هو أن هذه المقترحات لا توجد أصلا. إن القانون التنظيمي المتعلق بتحديد مراحل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية ، الذي جاءت به الحكومة غابت عنه الجدية اللازمة على كل المستويات من حيث زمن إصدار القانون والذي قيل عنه "الوقت الميت من تاريخ الحكومة". من حيث الصياغة التشريعية الفضفاضة التي لا يترتب عنها أي التزام، و من حيث الرهانات المستقبلية للمغرب،مما يستوجب البحث عن الآليات الممكنة للتصدي لهذا المشروع ، وإلا سنخلف موعدنا مع التاريخ.
احمد زاهد / عضو المكتب الوطني للبام
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق