2016-01-01

عصيد وبن الشيخ وارحموش شخصيات امازيغية لسنة 2015

خلال سنة 2015، شهدت الساحة الأمازيغية حَراكا مكثّفا، ساهمتْ فيه عدد من الوجوه الأمازيغية البارزة. وُجوهٌ كثيرةٌ حاولْنا أن نختارَ منها ثلاثة، انطلاقا مما تُمليه قاعدة اختيار شخصيات السنة، كما دأبت على ذلك وسائل الإعلام مع اقتراب إسدال الستار على سنة ومجيء أخرى. مُهمّة أوكلناها إلى الحسين آيت باحسين، نائبُ الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي. "هذه المهمّة، في الواقع،
مُحرجة لعدّة اعتبارات"، يقول آيت باحسين، مُعدّدا إياها في غياب قاعدة بيانات تتعلق بمختلف الفاعلين في الحقل الأمازيغي عامة، وعدم وجود معاييرَ متوافق عليها لتقويم منجزات مختلف الفاعلين في هذا الحقل، فضلا عنْ كثرة الفاعلين الذين قدموا خدمات للحقل الأمازيغي، في مختلف المجالات، وبروز مبادرات مؤسساتية وجمعوية تستحقّ التنويه، السياسية منها أو الثقافية. وانطلاقا من كون المستجدّ الأبرز، في مجال السياسة الثقافية المتعلقة بالحقل الأمازيغي، خلال سنة 2015، هو النقاش حول استكمال ترسيم الأمازيغية دستوريا، عبرَ تنزيل القوانين التنظيمية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، فقد ارتأى أيت باحسين أنْ يبنيَ اختياره للشخصيات الأمازيغية الثلاث، التي بصمتْ السنة التي نودّعها، انطلاقا من حضورها الملحوظ طيلة السنة في نقاش استكمال ترسيم الأمازيغية، فاختارَ أحْمَديْن: أحمد أرحموش وأحمد عصيد، وإلى جانبهما أمينة بن الشيخ.
أرحموش .. مُحامي الأمازيغية
ازداد أحمد أرحموش يوم 5 أبريل 1963 بقرية تَنالتْ، بالأطلس الصغير، حصل على الإجازة في القانون الخاصّ من جامعة القاضي عياض بمدينة مراكش سنة 1987، ثمّ نالَ دبلوم الدراسات الصيفية حول حقوق الإنسان بمعهد حقوق الإنسان بستراسبورغ، فرنسا، 1996، وفي سنة 2012 نالَ دبلوم الدراسات العليا في القانون الخاصّ من جامعة محمد الخامس بالرباط، ويشتغلُ حاليا محاميا بهيئة الرباط. يُعتبرُ أرحموش واحدا من الفاعلين البارزين في الحركة الأمازيغية، ولا تشغله المشاغل المرتبطة بعمله عن الدفاع عنِ القضية الأمازيغية، التي يتأبّط ملفّها إلى جانب الملفات التي يترافعُ عن أصحابها أمامَ المحاكم، وقدْ ترافع، خلال سنة 2015، أمام البرلمان من أجل اعتماد مشروع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، ونتيجة ذلك قدّم فريق الأصالة والمعاصرة مقترح قانون في موضوع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، تفعيلا للفصل الخامس من الدستور. أرحموش لا يكتفي بالترافُع فقط للدفاع عن القضية الأمازيغية، بلْ يُكرّس قلمه أيضا للدفاع عنها، ففي سنة 2015، صدرت الطبعة الثانية من كتابه المُعنون بـ"قيم العدالة بالقوانين الوضعية الأمازيغية"، كما أنه يحملُ همّ القضية خارجَ الحدود، حيث نظم وأطر ندوة دولية حول التعدد اللغوي والثقافي بمنطقة شمال أفريقيا والساحل، بالمنتدى الاجتماعي العالمي المنظم بتونس نهاية شهر مارس من السنة المنقضية.وفي منتدى المناخ (كوب 21)، المنعقد بداية الشهر الأخير من السنة التي نودّعها، سهر أرحموش على تنظيم وتأطير لقاء حول الشعوب الأصلية والتغيرات المناخية، حضرته تجارب من حركة الشعوب الأصلية بأمريكا الجنوبية وشمال أفريقيا. وفي المنتدى العالمي لحقوق الإنسان بمراكش، آلتْ ندوة نظمها وأطرها حول التجارب الدولية في مجال التعدد اللغوي والثقافي، إلى تشكيل لجنة تنسيقية من طرف منظمات ممثلة لدول الأرجنتين وكندا ودول شمال إفريقيا والساحل ولبنان، لمتابعة تنفيذ توصيات الندوة. أرحموش يتنقل من ندوة إلى ندوة كالنحلة تنتقل من زهرة إلى أخرى، ففي سنة 2015، أطّر حوالي 33 ندوةً محلّية في مختلف مناطق المغرب، كمَا شارك بمداخلات في ندوات خارجَ المغرب، حيث ساهم بمداخلة تحت عنوان "القانون الوضعي الأمازيغي" في لقاء نظمته جامعة جنيف بسويسرا، كما شارك بمداخلة حول "وضعية الأمازيغية بالمنطقة المغاربية وأية سبل لاستنهاض قوى المجتمع المدني للنهوض وحماية الأمازيغية"، في المنتدى الإقليمي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية المنظم بتونس بداية أكتوبر الماضي، وله مساهمات أخرى لا يسع المجال لاستعراضها. وعُيّن أرحموش عضوا باللجنة المكلفة بوضع مسودة مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية يوم 10 نونبر 2015، وساهمَ منذ نهاية شتنبر الماضي، إلى جانب فاعلين آخرين، في تأسيس وتفعيل دينامية الحركة المدنية لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، والتي اعتمدت مذكرة تحدد المطالب الأساسية والحد الأدنى المطلوب اعتماده في وضع القانون التنظيمي لتفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية. المذكرة وقعتها وانضمّت إليها حوالي 800 هيئة حقوقية ونسائية وأمازيغية. كما شاركَ أرحموش في إعداد تقرير حول وضعية الحريات العامة بالمغرب عن سنوات 2013، 2014 و2015، وهو التقرير الموجود في طور الطباعة ويُرتقبُ أن يُصْدره المرصد المغربي للحريات العامة بالمغرب. كلّ هذه الإنجازات، دفعت الحسين آيت باحسين، الذي أوكلت إليه هسبريس اختيار أبرز الشخصيات الأمازيغية في سنة 2015، لأن يختارُ أرحموش، إلى جانب عصيد وابن الشيخ.
عصيد .. أمازيغي لا يُهادن
أحمد عصيد واحدٌ من الوجوه المعروفة بالدفاع عن القضيّة الأمازيغية. يشتغلُ عصيد، المُزداد سنة 1961، أستاذا للفلسفة، وكان رئيسا للجمعية المغربية لمدرسي الفلسفة ما بين 1996 و1998، وهو شاعر وباحث في الثقافة الأمازيغية، وعضو سابق بالمكتب المركز لاتحاد كتاب المغرب خلال الفترة من 1999 إلى 2001، كما شغلَ منصب عضو بالمعهد الملكي للثقافة الأمازيغية بين 2002 و2006، وهو عضو مؤسس لعدد من منظمات المجتمع المدني بالمغرب. انشغالُ أحمد عصيد بالقضية الأمازيغية يعودُ إلى سبعينيات القرن الماضي، فمنذ سنة 1979، نشر الكثير من المقالات والدراسات حول المسألة الثقافية والأدب الأمازيغي وقضايا الهوية والديمقراطية، في الصحف والمجلات المغربية والدولية، كما أعدّ الكثير من البرامج الإذاعية والتلفزية حول الأدب والفنون الأمازيغية لبعض القنوات المغربية والدولية. وصدر لعصيد عدد من المؤلفات، موزعة بين الكتب والدواوين الشعرية، باللغتين الأمازيغية والعربية، منها ديوان "أنعيبار"، الصادر سنة 1996، أمّا عناوين كُتبه فكثيرة، منها "الأمازيغية في خطاب الإسلام السياسي"، صدر سنة 1998، و"أسئلة الثقافة والهوية في المغرب المعاصر"، صدر 2002، و"سياسة تدبير الشأن الأمازيغي بالمغرب"، صدر سنة 2009، أردفه في سنة 2010 بكتاب "رسائل إلى النخبة المغربية، وفي سنة 2012 صدر له كتاب "إماريرن مشاهير شعراء أحواش في القرن العشرين"، وحمَل آخر كتاب له صدر سنة 2015 عنوان "دراسات في الأدب الأمازيغي"... يُعرفُ عصيد بحضوره المستمرّ على الساحة الثقافية والحقوقية، من خلال مواظبته على كتابة مقالاتٍ أسبوعية في قضايا الأمازيغية وحقوق الإنسان، ويُعتبر الناشط الأمازيغي من المدافعين غير المهادنين إزاءَ القضية الأمازيغية، حيث عبّر عن مواقف قوية خلال السنة التي نودعها، وخاصَّة في ما يتعلق بتفعيل ترسيم اللغة الأمازيغية والدفاع عن تعميم تدريسها وإنصاف مدرسيها والمطالبة بقوانين تنظيمية عادلة، ومواجهة المسؤولين الذين يُخلون بالتزاماتهم في ما يخص الأمازيغية.
وإلى جانبِ مساهماته الفكرية، يعتبرُ عصيد من الناشطين المدنيين البارزين في المغرب، إذا شاركَ في المبادرة المدنية من أجل تفعيل الطابع الرسمي للأمازيغية، التي كانت لها أصداء قوية في الساحة الوطنية، كما ساهم في تنشيط أزيد من 50 تظاهرة ثقافية عبر التراب الوطني حيث استجاب لدعوات الجمعيات المختلفة، سواء في الحواضر أو في المناطق المهمشة. وفي مقابل دفاعه المستميت عن الأمازيغية، فإنّ عصيد منفتح على "الآخر"، ويمدّ جسور الوصال معه، حيث حرص على أن يكون البرنامج التلفزيوني، الذي يقدمه على شاشة القناة الأمازيغية والقناة المغربية، باللغة العربية، ويحمل عنوان "أضواء على الأمازيغية".
 ابن الشيخ .. أمازيغية صاحبة الجلالة هي ابنة تافراوت الواقعة جنوب المغرب، تعمل في الحقل الإعلامي المغربي منذ ما يقارب 15 سنة، وهي مديرة لجريدة "العالم الأمازيغي"، التي تعد الجريدة الورقية الوحيدة بالمغرب في إفراد اشتغالها على قضايا الأمازيغية، حاليا، وهيَ ناشطة أمازيغية لا تدّخرُ جهدا في الدفاع عن القضية الأمازيغية، سواء عبر صفحات الجريدة التي تُديرها، أوْ من خلال الندوات والتظاهرات التي تشارك فيها. ابن الشيخ تركتْ بصمة أنثوية بارزة على الساحة الأمازيغية خلال سنة 2015، حيثُ جرى تتويجها يوم 16 أكتوبر الماضي بمدينة الرباط بالجائزة التقديرية للثقافة الأمازيغية برسم 2014، في إطار الاحتفاء بالذكرى 14 لخطاب أجدير، وتأسيس المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وهي من أرفع جوائز المعهد الملكي للثقافة الأمازيغية، وذلك تقديرا لأعمالها وجهودها في مجال النهوض باللغة والثقافة الأمازيغيتين.
ابن الشيخ عُيّنت عضوا في اللجنة الملكية المكلفة بتحضير مشروع القانون التنظيمي للمجلس الوطني للغات والثقافة المغربية، والتي زكاها الملك محمد السادس، وتمَّ انتخابها في المكتب الدولي للتجمع العالمي الأمازيغي رئيسة منتدبة عن المغرب، في أشغال المؤتمر الثامن للتجمع العالمي الأمازيغي الذي نظم في مدينة إفران بالمغرب، أواخر شهر شتنبر الماضي. حظيت بن الشيخ بعدد من التكريمات، لإسهامها وتقديرا لعملها في مجال حقوق الإنسان، كما شاركت وأدارت العديد من اللقاءات والأنشطة الثقافية والحقوقية، وأشرفت على تنظيم سلسلة من اللقاءات والندوات، بالتنسيق مع إطارات المجتمع المدني، في إطار مبادرة وطنية تسمى "المبادرة الوطنية للتفعيل الشعبي لرسمية الأمازيغية"، وهو ما جعلها تحظى باختيار نائب الجمعية المغربية للبحث والتبادل الثقافي، الحسن آيت باحسين، في قائمة الشخصيات الأمازيغية التي وسمت سنة 2015.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق